الشهيد البطل يحيى السنوار: رمز المقاومة والتضحية
في مسيرة الشعوب الساعية إلى الحرية والاستقلال، تظهر شخصيات مميزة تترك بصمة عميقة في تاريخ الأمة وتتحول إلى رموز للمقاومة والصمود. ومن بين هؤلاء الأبطال، يبرز اسم الشهيد يحيى السنوار، الذي يعتبر أحد أبرز القادة الذين جسدوا التضحية والفداء في سبيل القضية الفلسطينية.
النشأة والمسيرة
ولد يحيى السنوار في مدينة خان يونس بقطاع غزة عام 1962، ونشأ في أسرة فلسطينية محافظة عرفت بحبها للوطن وقضيتها العادلة. منذ شبابه، كان السنوار معروفًا بحسه الوطني واهتمامه بالقضية الفلسطينية، حيث التحق بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في سنوات مبكرة من حياته. سُجن السنوار عدة مرات على يد الاحتلال الإسرائيلي بسبب نشاطه في المقاومة ودوره القيادي البارز داخل الحركة.
قيادة المقاومة وتطوير القوة العسكرية
يُعد السنوار من الشخصيات البارزة التي ساهمت في تطوير القوة العسكرية لحركة حماس، حيث لعب دورًا محوريًا في تأسيس كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية للحركة. قاد السنوار العمليات النوعية ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث أظهر قدرة استثنائية على التخطيط والتنظيم العسكري الذي جعل منه قائدًا محبوبًا ومحترمًا بين أبناء شعبه.
تضحياته وسجنه
في عام 1988، اعتقل الاحتلال الإسرائيلي يحيى السنوار وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة قيادة عمليات ضد جنود الاحتلال. ولكن رغم سنوات السجن الطويلة، ظل السنوار ثابتًا على موقفه، ولم يتراجع عن نضاله ضد الاحتلال. أمضى في السجون الإسرائيلية أكثر من عقدين، وكان خلال تلك الفترة من أشد الأصوات المعارضة للاحتلال داخل السجون، وأصبح رمزًا للتحدي والثبات.
الحرية والعودة للقيادة
في عام 2011، تم الإفراج عن يحيى السنوار ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، والتي عُرفت باسم "صفقة وفاء الأحرار". بعد خروجه من السجن، عاد السنوار ليقود حركة حماس في غزة بصلابة وثبات، وكان له دور أساسي في تعزيز المقاومة وتوحيد الصف الفلسطيني.
دور الشهيد البطل يحي السنوار في طوفان الاقصى
يحيى السنوار لعب دورًا محوريًا في عملية "طوفان الأقصى" التي انطلقت في 7 أكتوبر، حيث كان قائدًا استراتيجيًا لحركة حماس وأحد العقول المدبرة وراء التحضير والإعداد لهذا الهجوم الكبير. "طوفان الأقصى" كانت ردًا من المقاومة الفلسطينية على تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى، وقد أتت العملية في إطار سعي المقاومة لاستعادة الكرامة الفلسطينية والرد على العدوان المتزايد.
الدور القيادي في التخطيط والتوجيه:
يحيى السنوار، بصفته قائدًا بارزًا في كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس، كان له الدور الأبرز في تنظيم العملية من خلال الإشراف على وضع الخطط الاستراتيجية والتنسيق بين مختلف وحدات المقاومة. السنوار كان معروفًا بقدرته العالية على إدارة العمليات العسكرية المعقدة والتخطيط للعمليات الكبرى التي تتطلب تضافر الجهود والموارد.
إعداد القوة العسكرية والميدانية:
من خلال توجيهاته، تم تحضير القوات العسكرية وتدريب المقاتلين على أساليب مقاومة حديثة وتقنيات متطورة، مما ساهم في تحقيق إنجازات نوعية خلال الهجوم. حرص السنوار على تجهيز الكتائب الميدانية بالأسلحة والمعدات التي تساعد على تنفيذ العملية بنجاح، إضافة إلى تعزيزه للتنسيق بين الفصائل الفلسطينية المختلفة لضمان تحقيق أهداف المقاومة المشتركة.
استشهاده ومكانته في قلوب الفلسطينيين
استشهد يحيى السنوار يوم الاربعاء 16/10/2024 في منطقة رفح، تل السلطان، وهو يقاوم الاحتلال بصلابة مرتديًا بدلته العسكرية، ومتسلحًا بالإيمان والعقيدة الراسخة بزوال الاحتلال. لقد واجه قوات الاحتلال ببسالة حتى اللحظة الأخيرة من حياته، حيث رفض الاستسلام وتمسك بحق شعبه في الحرية. ارتقى السنوار شهيدًا بعد مسيرة حافلة بالنضال والتضحيات، لكن إرثه وذكراه ما زالا حاضرين في قلوب الفلسطينيين، وفي وجدان الأمة العربية والإسلامية. سيظل رمزًا للصمود والإصرار على الحق حتى النهاية.
يعتبر يحيى السنوار اليوم رمزًا وطنيًا ليس فقط لشعبه الفلسطيني، بل لكل الشعوب التي تكافح من أجل حريتها. ستبقى ذكراه خالدة، وستظل روحه مصدر إلهام لكل الأجيال القادمة في مواجهة الاحتلال والظلم.
ختامًا
إن الشهيد يحيى السنوار يجسد معاني التضحية والنضال، فهو قائد عاش حياته مدافعًا عن وطنه، وقدم روحه فداءً لفلسطين. فكان نموذجًا يُحتذى به في الصبر والصمود، وسطر بدمائه أروع صفحات المقاومة. اليوم، ونحن نحيي ذكرى استشهاده، نجدد العهد بأن نواصل على دربه، حتى يتحقق حلم الحرية والاستقلال.